النديم لمناهضة العنف والتعذيب

شهادة 4: ماكناش عارفين اللى معانا جرحى ولا جثث

نور الإدريسي.. يحمل بطاقة زرقاء.. حصل على التوطين المحلي.. انهى دراسته الجامعية ولم يحصل على شهادة التخرج بسبب عدم قيامه بالخدمة العسكرية.
يقول:

كنت متضامن مع المعتصمين.. يومها كنت فى المعسكر..كان فيه امن كثير بالمنطقة.. قلقنا لكن النسوان المصريات فى الجنينة المجاوره (كانوا يبيعوا لنا الشاى والأكل طول فتره الاعتصام) قالوا لنا انه فيه مظاهره للإخوان المسلمين ونصحونا ندخل المعسكر نتحامى فيه.. الكلام تكرر من اكثر من مصدر.. أصحابنا . المعسكر بلغونا بالمكالمات التليفونية انه الشوارع حوالين الحديقة بتتقفل بالأمن..

حوالى الساعة 11 مساء شفنا 30 أو 40 راجل.. جلاليب بيضاء قصيرة وملتحين.. وقفوا فى صفين وشهم للجامع.. زادت العربيات المصفحة وبدأوا العساكر يحوطوا المعسكر.. فى البداية كان ضهرهم لنا وفصلوا بينا وبين ” الأخوان” .. بعد شوية وشهم بقى ناحيتنا. طول الوقت كان مسموح للسودانيين بدخول المعسكر بعد تفتيشهم و سحب الأوراق منهم. بدأ ضابط يتحدث لنا بالميكرفون: انتم عارفين إن احنا جايين نشيل المعسكر وإحنا محضرين لكم معسكرات بيها كل وسائل الراحة.

وفد مننا كان بيتفاوض مع الضباط ووافق على الانتقال للمعسكر المجهز بشرط انه 5 او 6 مننا يروحوا الأول يشوفوا بعنيهم.. الضباط رفضوا.. كنا طول الوقت نحاول نتصل بموظفى المفوضية لكن ما كنش فيه تليفون ببرد.. قلنا ح نقعد لغاية ما يشيلونا

الساعة 2 او 3 فتحوا الطريق لعربية مطافى.. واحدة من اليسار وواحدة من اليمين.. بدأ رش المياه.. المياه بالنسبة لنا عادى وخصوصا الجنوبيين عندهم أمطار غزيرة فكانوا يضحكوا.. وطلبنا منهم عدم الاستفزاز.. بعد الرش الثانى جالنا واحد من اللجنة الشعبية ( الجنوب) وحاول التفاوض مع الجانبين لكنه فشل. حتى هذه اللحظة ماكانش عندنا اى تصور انه ح يكون فيه عنف لدرجة إننا قعدنا ووزعوا علينا العشا.

بدأ العساكر يصيحوا (صيحات الانتشار) نساءنا زغردوا (بمعنى: مش خايفين) كان عندنا أمل انه نور النهار قرب وحنكون فى أمان. الساعة 5 كان فيه رشة مياه ثالثة.. مع كل رشة كان كل واحد يغطى نفسه بمشمع أو بطانية.. المرة دى خلصت المياه.. نزلت الغطا من على راسى.. ماشفتش إلا الضرب جاى من كل جهة منين ما تتحرك تلاقى ضرب.. ماعرفش امتى وازاى بقوا العساكر فى وسطنا وفى كل مكان.. منين ماتهرب تنضرب كان معانا واحده معوقة اسمها نجلاء. قالت سيبونى وروحوا انتم. غطيناها بمشمع وهى قاعدة فى الأرض. انهالوا عليها ضرب لغاية لما ضابط قال: دى واحدة ست! فحملوها للخارج

بعضنا كان يهرب بالقفز للشجر. الأغصان تنكسر ويقع على غيره..  يمكن ده يكون موت عيال.. الضرب كان على الرأس.. شفت زول بيقع على الارض ورمى طفل لفوق.. العيل وقع على الارض ماتلقاه حد وداست عليه الاقدام معظمنا كان دايخ.. يمكن المياه يكون كان فيها مخدر ويمكن رشوا حاجة.. ويمكن من الضرب. الصراخ كان فى كل مكان ماكانش مسموح بالخروج الا محمولا …اللى بيقع بيشلوه 3 او 4 عساكر يسلموه للعسكر بره ويرجعوا يشيلوا غيره.. العساكر بره كانوا بيكملوا ضرب لغاية الوصول للاتوبيس. فى الاتوبيس كان فيه عساكر.. طول الوقت كنا بنسمع سب.. فى الاتوبيس كان فيه ناس بتكورك ونسوان بتنادى على اولادها وكان فيه جرحى.. سيارات الاسعاف كانت قريبة لكن ماحد سأل فينا. ليه؟ ماكناش عارفين اللى معانا جرحى ولا جثث

اخدونا على معسكر الامن المركزى بطره. استلقينا على التراب وهدومنا مبلولة. كنا خارج العنابر. ساعتها عرفنا اى معسكر مجهز كان فى انتظارنا. بدأوا يقسمونا ويسجلوا اسامينا وبعدها ظهرت سيارات الاسعاف.. اللى حالتهم صعبة اتشالوا مانعرفش لفين والباقى اطهرت جروحهم بسرعة. مياة الشرب كانت قليلة. والمعاملة كانت قاسية وكلنا متخبط كان نور منهكا والدموع فى عينيه طوال الحديث وصوته واطى من الإعياء والحزن والحيرة. طلبت منه التوقف وتناول مشروب رفض وبدأ يتحدث عن زملاء فى احتياج له ولمساعدة طبية وانصرف على وعد انه يوصل الزملاء للعياده.

ملحوظة: الأسماء الواردة في الشهادات غير صحيحة ولن نعلن عن الأسماء

مواضيع ذات صلة