في عددها الصادر يوم الثلاثاء 24 نوفمبر 2009 نشرت جريدة الشروق المصرية خبرا بعنوان: حقوقيون يدعون لتجاهل انتهاكات الداخل والتركيز على الجزائر و”المشروع القومي”.
وحيث ان الخبر يشير الى 89 منظمة حقوقية لا نعرف هويتها باستثناء الاسماء المذكورة في آخر الخبر ، وحيث اننا قمنا بزيارة مواقع تلك المنظمات بحثا عن الموقف المشترك فلم نجده، فقد اضطررنا الى الاكتفاء بما نشر في جريدة الشروق، مؤكدين على ان مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب المؤسس في عام 1993 ليس واحدا من تلك المنظمات الحقوقية وان ما ورد في هذا الخبر لا يعبر عن موقف مركز النديم كما لا يعبر عن موقف حقوقي من وجهة نظرنا، ونؤكد بالذات على ما يلي:
ان كرامة مصر من كرامة مواطنيها وطالما ان مصر تختنق منذ أكثر من ربع قرن تحت وطأة الطوارئ والتعذيب المنهجي وغياب الديمقراطية والانتخابات المزورة وانتهاك استقلال القضاء وتفاقم الفقر الذي أصبح يطحن نصف السكان وتردي الخدمات الصحية والتعلمية وانتهاك حرمات المساكن وبيوت العبادة والجامعات من قبل سلطات الامن بدون رادع او رقيب – طالما الحال على ما هو عليه فانه لا كرامة لمصري في بلاده.
الأستاذ أيمن فاروق مدير مؤسسة صاحبة الجلالة، التي لم نسمع حتى اليوم عن نشاطها الحقوقي، يدعو الى التوقف عن الحديث عن “السلبيات في الداخل في هذه الفترة ونركز ونفكر في الهدف الأكبر الذي نسعى إليه” وفي هذا الشأن نؤكد في مركز النديم ان هدفنا الأكبر الذي نسعى اليه ومعنا العديد من المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الوطنية والشخصيات العامة هو النضال من أجل مجتمع تسوده قيم العدالة والمساواة، مجتمع خال من التعذيب والاهانة اليومية لمواطنيه في اقسام الشرطة والشارع واماكن العمل، مجتمع يستطيع مواطنوه ان يتمتعوا بكرامتهم من خلال حرية الابداع والتعبير والاختيار الحر لمن يمثلوهم ويحكموهم، مجتمع لا يفرغ فيه المواطنين غضبهم من القهر والفقر والاحباط في ضرب زوجاتهم أو أطفالهم أو التحرش بالنساء في الشارع أو حرق اعلام دول شقيقة بدلا من توجيه هذا الغضب نحو من يذيقوهم الهوان والذل أربع وعشرين ساعة في كل يوم من كل شهر من كل عام على مدى أكثر من ربع قرن.
كذلك ورد على لسان الأستاذ أيمن فاروق رئيس المنظمة الحقوقية المذكورة أعلاه ان عصا الأمن هى التي أثببت اننا أكثر دولة محترمة. ودون الحاجة الى التعليق على مدى اتساق هذا التصريح بالمعايير الحقوقية، حيث لا مجال فيها لعصا الأمن، اللهم إلا لو كانت عصا شرطة المرور في تنظيم السير، فإننانذكر الأستاذ فاروق بان عصا الأمن هذه هي التي نزلت على ظهور وأجساد نشطاء الحركة الديمقراطية في مصر، وهي التي ضربت أعضاء مجلس الشعب في عام 2003 عند احتجاجهم على الغزو الأمريكي للعراق، وهي التي شجت رأس المستشار محمود حمزة في أحداث انتفاضة القضاة، وهي التي قتلت عشرات السودانيين المعتصمين سلميا في عام 2005 وهي التي تسببت في مقتل شابين وفقدان الكثيرين لعيونهم في احداث المحلة، وهي التي ضربت أبناء الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة عند لجوئه لمصر بحثا عن الدعم والمساندة. هذه العصا التي يعتقد الاستاذ فاروق انها جعلتنا اكثر الدول احتراما هي العصا التي هتك بها الضابط اسلام نبيه عرض عماد الكبير، وما خفي كان أعظم. إنها العصا التي تسعى الى كسر الشعب المصري، ولا احترام لشعب كسرته عصا الامن ولو فاز بكأس العالم ذاته.
لا ينكر مركز النديم ان أحداثا من الشغب والعنف المجنون التي لا تصدر سوى عن خواء واحباط قد شابت مباريات كرة القدم بين الجزائر ومصر وان الموقف الحقوقي مما حدث هو تحقيق محايد وموضوعي من جهة مستقلة، أما الدور الذي قامت به ولازالت وسائل الاعلام على الجانبين والتصريحات التي وردت على لسان بعض المسئولين المصريين وأبناء المسئولين وعلى راسهم علاء مبارك نجل الرئيس فان اقل ما توصف به أنها حملة عنصرية لتأليب شعب على شعب، كلاهما يرزح تحت أثقال الهم والقهر بما يملأ القلوب باليأس والغضب والرغبة في التنفيس وقد لعبت أجهزة الاعلام دورا مخيفا في استثمار تلك المشاعر وتحويلها عن مسارها في اشعال نيران الكراهية بين أعداد غفيرة من ابناء وبنات الشعبين. وهو دور لو توفرت السبل لقدم من قاموا به للمحاكمة بتهمة الدعوى للعنصرية وبث الكراهية بين الشعوب
ان مركز النديم اذ يعلن ادانته لكافة أشكال العنف ورفضه لتلك الحملة المشبوهة من حيث اهدافها السياسية لحرف جهود الشعبين عن الاسباب الحقيقة لقهرهما وإهانة كرامتهما كبشر يؤكد أن نضاله مستمر في مواجهة “سلبيات الداخل”، وأن مشروعه القومي كان ولازال مجتمعا خاليا من العنف والتمييز والتزوير والفساد.