النديم لمناهضة العنف والتعذيب

نحو “عسكرة” الجمعيات الأهلية: قانون “فاشي” لخنق المجتمع المدني

تعرب المنظمات غير الحكومية الموقعة أدناه عن انزعاجها الشديد إزاء المعلومات حول انتهاء وزارة التضامن من مشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية. ووفقا للنسخة الأخيرة التي تم تسريبها، فإن المشروع أكثر قمعية وتقييدا من القانون القمعي الحالي، ومن المتوقع أنه سيتم تمريره بالأغلبية البرلمانية الحكومية خلال الشهر القادم.

يبدو أن التعجيل بتمرير القانون،هو وثيق الصلة بهدف تقويض إمكانية مراقبة المجتمع المدنى للانتخابات البرلمانية و الرئاسية القادمة، بعد أن أطاحت التعديلات الدستورية بالإشراف القضائى، ورفضت الحكومة الرقابة الدولية على الانتخابات ، الأمر الذى يسهل مهمة إجراء انتخابات غير نظيفة دون أى رقيب نزيه. كما تستهدف بعض مواد القانون الجديد الحد من نشاط بعض منظمات حقوق الإنسان، وإغلاق بعضها الآخر. وكذلك تجريم كل أشكال التنظيم غير المسجلة.

هذا التجريم قد ينطبق على عدد من أبرز جماعات الإصلاح السياسى( كالجمعية الوطنية للتغيير، وكفاية وشباب 6أبريل،وغيرها) ويعرض قادتها ونشطائها لعقوبة السجن بنص القانون الجديد.

يقدم المشروع صورة غير مسبوقة للغلو في التسلط على مؤسسات المجتمع المدني، تفوق ما عرفته مصر منذ يوليو 1952، من تسلط حكومي وتأميم النشاط السياسي والحزبي والنقابي و الأهلي، ويبدو واضحاً من التعديلات أن النية تتجه فعلياً لإحكام الخناق على الجمعيات والمؤسسات الأهلية بصورة مطلقة.

إن الدور التسلطي الهائل لوزارة التضامن-والذي تتخفى تحت مظلته وزارة الداخلية ومختلف الأجهزة والدوائر الأمنية- يتعزز في التشريع المقترح بإضافة أداة تسلطية ورقابية جديدة ممثلة بشكل خاص فيما يسمى بالاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات الإقليمية للجمعيات، وهي مؤسسات بيروقراطية شبة حكومية. ويسند مشروع القانون إلى هذا الاتحاد العام مهمة”فاشية”، وهى الإشراف على مجمل النشاط الأهلي للجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات الإقليمية والنوعية. علماً بأن القانون الجديد ينص على عضوية إجبارية للجمعيات في الاتحادات الإقليمية والاتحاد العام! أى على نفس نمط الاتحاد العام للعمال الذى جرى تأميمه منذ يوليو 1952 ، وقام بإخضاع النقابات العمالية للحكومة لأكثر من نصف قرن.

جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية يعين ثلث أعضاء الاتحاد العام ورئيسه، وقد جرى العرف على أن يكون رئيس الاتحاد العام من الوزراء أو ضباط الجيش السابقين، والرئيس الحالي هو رئيس سابق للحكومة !!! وقد سبق أن صرح “بفخر” بأن هذه التعديلات قد حصلت على موافقة مسبقة من السفارة الأمريكية فى القاهرة وهيئة المعونة الأميركية؟!

كما يمنح القانون وزير التضامن الاجتماعي صلاحية تعيين ثلث أعضاء مجالس إدارات الاتحادت الإقليمية والاتحادات النوعية! علما بأن القانون السابق كان ينص على انتخابهم جميعا.

ويقدم مشروع القانون الاتحاد العام والاتحادات الإقليمية كواجهة “أهلية” مزيفة ترتكب باسمها مختلف التدخلات التعسفية، والجرائم والآثام التي تمارسها جهة الإدارة الحكومية -ومن خلفها الأجهزة الأمنية- بحق النشاط الأهلي. فطالبي تأسيس الجمعيات بموجب هذا المشروع بات يتعين عليهم أن يتقدموا بأوراقهم إلى الاتحاد الإقليمي للبت فيها قبل أن يحيلها للجهة الإدارية التي يحق لها – بعد استطلاع رأي أجهزة الأمن – رفض تقييد الجمعية، في ظل تمسك المشروع بذات المحظورات التي يتضمنها القانون الحالي.

كما يبقى القانون المقترح على هيمنة السلطة التنفيذية (من خلال وزارة التضامن الاجتماعي) على مقادير النشاط الأهلي ،التي ما تزال لها اليد العليا قانوناً في منع أو حجب الترخيص لأي جمعية، وفي سلب الاختصاصات الأصيلة لمؤسسى الجمعية وأعضائها وهيئاتها المنتخبة في وضع نظامها الأساسي أو تعديله، أو في طرق إدارة عملها اليومي ونظام عقد اجتماعاتها، علاوة على الإبقاء على النصوص التي تحكم سيطرة السلطة التنفيذية في الترخيص للجمعيات بجمع التبرعات أو الحصول على منح خارجية. وكذا تقييد حق الجمعيات في الانخراط الطوعي في ائتلافات أو اتحادات أو شبكات، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، وإطلاق يد جهة الإدارة في الاعتراض على القرارات أو الأنشطة التي تمارسها الجمعيات، وفي فرض عقوبات متنوعة تشمل تجميد أنشطة بعينها، أو عزل الهيئات المنتخبة، أو المضي في إجراءات حل وتصفية الجمعية.

ويحظر المشروع على الجمعيات العمل في أكثر من ميدانين فقط، ليس من بينهما حقوق الإنسان! – بعد أن كان غير مقيد في القانون القمعى الحالي – وبموجب هذا المشروع فإن الاتحاد الإقليمي يجوز له، مثلما يجوز لجهة الإدارة التدخل في انتخابات الهيئات القيادية للجمعية واستبعاد من تراهم من المرشحين لعضوية هذه الهيئات.

وينطوي القانون الجديد على نزعة تسلطية بوليسية، حيث أنه يسمح للحكومة بعقد جمعيات عمومية لأى جمعية رغم أنف أعضائها !، وبالتدخل في تحديد قوام الجمعيات العمومية وشروط انعقادها، وحق العضو في أي جمعية في الانسحاب منها!!، وهي أمور في مجملها تشكل عدواناً على الحق الأصيل لمؤسسي الجمعية وأعضاء جمعيتها العمومية في صياغة النظم واللوائح الأساسية التي تحكم علاقة الجمعية بأعضائها.

ويشدد مشروع القانون الحظر على كل المنظمات غير الحكومية التي تتخذ في إنشائها أشكالاً قانونية أخرى غير الجمعيات، بما في ذلك الشركات المدنية، رغم أن القانون المدني المصري يسمح بها. حيث يسمح المشروع لوزير التضامن الاجتماعي بإيقاف أنشطة هذه المنظمات، ويحظر على الجهات التي تملك قانوناً الترخيص بإنشائها منح تراخيص مزاولة لأي نشاط من أنشطة العمل الأهلي، ويشدد على اعتبار مثل هذه التراخيص منعدمة منذ صدورها !

وتؤكد المنظمات الموقعة في هذا السياق على أن العضوية الإجبارية في الاتحاد العام للجمعيات، عبر الاتحادات الإقليمية وكذلك التدخلات الصارخة من قبل المشرع في تحديد صلاحيات ومهام هذه الاتحادات وفي تشكيل هيئاتها القيادية، يشكل انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية التي تكفل للمنظمات غير الحكومية الحق في الانضمام الطوعي أو إنشاء اتحادات أو شبكات أو ائتلافات تعبر عن مصالحها وأهدافها المشتركة، ويكون لها الحق الأصيل في صياغة أنظمتها الأساسية التي تحدد الأدوار والمسئوليات الواقعة على مختلف الأطراف التي تنضوي في عضوية هذه الاتحادات أو الشبكات.

كما تشكل هذه التدخلات انتهاكاً صارخاً أيضاً للضمانات الدستورية التي تقر بحرية إنشاء الاتحادات على أسس ديمقراطية، وتلفت المنظمات النظر إلى أن الاتحاد العام للجمعيات شبه الحكومي يجري تصديره كغطاء تفرض من خلاله جهة الإدارة – أو بمعنى أدق أجهزة الأمن التي تملك الكلمة الأولى والأخيرة في مصير الجمعيات الأهلية – قراراتها العقابية والتعسفية التي تمكنها من تجميد نشاط أي جمعية أو وقف بعض أنشطتها أو عزل مجلس إدارتها أو اتخاذ الترتيبات القانونية والإجرائية التي تبيح استصدار قرار قضائي بحلها.

كما تلاحظ هذه المنظمات نزوعاً مفرطاً في التعديلات المقترحة لفرض مزيد من القيود والتدخل في صميم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ومحاصرة أنشطتها، فبموجب هذه التعديلات فإن الجمعيات المركزية التي تعمل على نطاق أكثر من محافظة يتعين أن يتم إشهارها بقرار من وزير التضامن الاجتماعي. وبات تأسيس مؤسسات أهلية مرتهناً بتخصيص مال لا يقل عن 100 ألف جنيه، في حين أن القانون الحالي لم يشترط حد أدنى، وهو الأمر الذى يشكل عائقاً أمام العشرات من المؤسسات الأهلية المسجلة، والتي سيتعين عليها إذا ما تم تمرير هذه التعديلات أن تعيد توفيق أوضاعها في ظله أو التوقف عن النشاط.

تجدر الإشارة أن منظمات تنموية وحقوقية من مناطق جغرافية مختلفة،سبق أن طلبت من رئيس البرلمان ووزير التضامن عقد جلسات استماع مع المنظمات غير الحكومية، والتي أعدت بالفعل أكثر من مشروع لقانون الجمعيات الأهلية، و لكنها لم تتلق  أي استجابة.

يؤكد مشروع القانون الأكثر قمعية للمجتمع المدنى مدى زيف الادعاءات الحكومية بشأن أحداث أصلاح ديمقراطي،بل أيضا يشير إلى عدم اعتزام الحكومة تنفيذ ما تعهدت به أمام العالم أجمع، عندما قبلت بتنفيذ عدد من التوصيات في إطار عملية الاستعراض الدوري الشامل التي أجراها مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في فبراير الماضي، وكان من بينها ضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، و تعديل قانون الجمعيات الأهلية بحيث يضمن تيسير نشاط منظمات المجتمع المدني ، وقدرتها على العمل بحرية! .

وأخيرا،تؤكد المنظمات الموقعة مجددا على استمرار حملتها من أجل الدفاع عن حق المواطنين الأصيل في تنظيم أنفسهم بشكل مستقل ، و التصدي بجميع الوسائل السلمية بما فيها اللجوء إلى الآليات الدولية من أجل ضمان استقلالية النشاط الأهلي، و مواجهة أية تدخلات  تنتقص من حريته، وضمان أن يكون للمنظمات وحدها الحق في وضع سياساتها وأولوياتها و آليات عملها وهياكلها التنظيمية،واختيار مؤسسيها وأعضائها وقياداتها ،وإدارة نشاطه

المنظمات وفقا لترتيب الأبجدى : 

البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان
المركز المصري للتنمية و الدراسات الديمقراطية
الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي
الجمعية المصرية للمشاركة و التنمية المستدامة
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
المجلس العربي لدعم المحاكمة العادلة
المؤسسة العربية ” عدالة”
المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان
المؤسسة المصرية لدعم الأسرة
المركز المصري لحقوق المرأة
المركز المصري لحقوق الأنسان
المركز المصري للتنمية وحقوق الإنسان
المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
جماعة تنمية الديمقراطية
جمعية المرصد المدني لحقوق الإنسان
جمعية المرأة والمجتمع
جمعية المواطن للتنمية وحقوق الانسان
جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان
جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
جمعية معاكم للمساعدات الاجتماعية
جمعية مساواة لحقوق الإنسان ” تحت التأسيس “بورسعيد
دار الخدمات النقابية والعمالية
مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان
مؤسسة المرأة الجديدة
مؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
مؤسسة مركز قضايا المرأة المصرية
مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان
مركز الأرض لحقوق الإنسان
مركز الجنوب لحقوق الإنسان
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف
مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
مركز حابى للحقوق البيئية
مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان
مركز هشام مبارك للقانون
مركز وسائل الاتصال الملائمة من اجل التنمية ” اكت

مواضيع ذات صلة