النديم لمناهضة العنف والتعذيب

أداء جبان لنظام التعذيب في الجلسة الثانية لمحاكمة قاتلي خالد سعيد

يوم 25 سبتمبر 2010 شارك عدد من فريق مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف في الوقفة التضامنية مع أسرة خالد سعيد أمام محكمة المنشية بالاسكندرية أثناء انعقاد الجلسة الثانية لمحاكمة المخبرين المتهمين بضرب شهيد الطوارئ خالد سعيد حتى الموت. وكما هي العادة كانت وزارة الداخلية سباقة في حشد قواتها وبلطجيتها وحواجزها على سلم المحكمة، نفس السلم الذي احتج مدير أمن الاسكندرية في الجلسة السابقة على وقوف أحد المحامين عليه على اعتبار ان المحكمة ليست مكانا للتظاهر!

لم يكن جديدا على الداخلية أن تحشد رجالها في مواجهة المتظاهرين ولا كان جديدا عليها أن تملي على البلطجية شعاراتهم التي تتهم المتظاهرين بالعمالة وأن تصفهم بالعوالم والحشاشين. فتلك لغة الداخلية التي لا تعرف أن تنطق جملة دون أن تحمل تهديدا أو سبا. ليس في هذا جديد. ولا كان جديدا على الداخلية أن تسمح لبلطجيتها بالتعدي على المتظاهرين بإلقاء العصي الخشبية علىهم مما أدى الى إغماء إحدى المتظاهرات  إثر إصابتها في رأسها.

لكن الجديد والجبان في هذه المظاهرة كان أداء بلطجية الداخلية تجاه خالد سعيد وأسرته من ناحية وأداءهم مع المتظاهرين حين انتهت المظاهرة وسمحوا لهم بالخروج في ممر ضيق وقف جنود الأمن المركزي والضباط على جانبيه ليكيلوا الضرب والسب والركل لكل متظاهر، شابا كان أو شابة، أثناء خروجه قبل أن يلقوا بهم في سيارات ميكروباص كانت تنتظر في نهاية الممر وليتتبعوا المتظاهرين لمسافات طويلة بطول الكورنيش حتى أنهم قاموا بإغلاق إحدى القهاوي لجلوس عدد من المتظاهرين عليها.

لكن قمة الأداء الجبان الداخلية المصرية كان في تلك اليافطة الضخمة التي حملها البلطجية وعليها صورة شهيد الطوارئ خالد سعيد “في السجن” اقتداءا بما تعلموه من جريدة الأهرام من استخدام الفوتوشوب لتحويل الأوهام الى حقائق كاذبة. ولم يكتف البلطجية بذلك بل أخذوا يضربون ويسبون ويبصقون على صورة خالد واصفين اياه “بالحشاش الذي حوله العملاء الى بطل قومي” فأثبتوا ان الداخلية المصرية لا تعرف حرمة حتى وان كانت حرمة الميت، فما بالنا بحرمة الميت الذي قتل بأيديهم.

لقد حاولت الداخلية أن تصور الأمر وكأن هؤلاء البلطجية هم أهالي المخبرين الذين جاءوا للتضامن مع أقاربهم المتهمين، وإن كان من الصعب في هذه الحالة تفسير قيام بعضهم بالرقص على “واحدة ونصف” أمام كاميرات التليفزيون وقد خلعوا ملابسهم ووقفوا بملابسهم الداخلية وكأنهم في استعراض ماجن.. كما يمكن للداخلية أن تدعي أن هؤلاء البلطجية جاءوا من تلقاء أنفسهم لولا وقوف مدير أمن الاسكندرية في وسطهم وقيامه بتنظيم انصرافهم من على سلم المحكمة وترحيلهم في سيارات كانت تنتظرهم أسفل السلم، وكأنه قائد جيش يفتخر بما قدمه رجاله من عرض عسكري.

لكن العرض لم يكن عسكريا وإنما كان استعراضا لما يمكن للداخلية ان نتحدر اليه من أداء.. ولا كانت المعركة بين جيشين وإنما بين شباب وحكومتهم.. هم يريدون الحرية والعدالة ومحاسبة الجلادين ووقف التعذيب الذي حصد خالد سعيد وغيره.. وحكومتهم لا تريد سوى الاستمرار ولو بالحديد والنار.. أدواتهم الكلمة والشعار والهتاف والغناء.. وأدواتها الضباط والبلطجية والركل والسب والتعذيب والتزوير والتهديد بالاعتقال.

مظاهرة 25 سبتمبر 2010 في الاسكندرية لم تكن أعنف المظاهرات.. لكنها كانت أحقرها وأكثرها جبنا وانحطاطا..

يوم 25 سبتمبر كان بلطجية الداخلية يرتدون قمصانا كتب عليها “من هو خالد سعيد؟” اشارة الى عدم أهميته واستنكارا لكل هذا الغضب بسبب مقتل مواطن تحت التعذيب.. وقد كان رد المتظاهرين واضحا:

كلنا خالد سعيد.. ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم.. أبيض على كل مظلوم. أسود على كل ظالم.

مواضيع ذات صلة