النديم لمناهضة العنف والتعذيب

تكسير عظام والشكوى ممنوعة في قسم سيدي جابر

خمسة ساعات أمضاها المواطن محمد إبراهيم محمود مصطفى، 29 عاما، في قسم سيدي جابر خرج بعدها محمولا إلى مستشفى ناريمان حيث قرر الأطباء انه مصاب بكسر مضاعف في الساق اليمنى.
بدأت قصة محمد بعد منتصف ليل الخميس 14 أكتوبر 2010 حين أرسل شقيقه لشراء شريحة محمول. وحين تأخر شقيقه في العودة نزل محمد ليستفسر عن أحواله فالتقى صديقين وقف يتحدث معهما في الشارع في منطقة مصطفى كامل بالإسكندرية.

يقول محمد:

“جت عربية تويوتا فيها ناس ومعاهم مخبر أنا عارف اسمه “جاد” شاور عليا.. نزلوا المخبرين وشالوني من على الأرض شيل وودوني للضابط.. المخبر قال له ده كل ما يشوفنا يجري مننا .. المخبر عاوز يبين نفسه للضابط.. راحوا حاطيني في العربية وقعدوا يلفوا بينا في مصطفى كامل يلموا الناس.. وأنا في العربية سألته عن سبب القبض عليا.. شتمني وقعد يضرب فيا هو ومخبرين معاه.. ضربوني بالأيدي والرجلين وشتمني وشتم أمي بألفاظ قذرة.. طبعا أنا رديت عليه
بعد ما دخلنا القسم أول ما نزلوني نزلوا فيا ضرب.. أنا قلت “ماشي”.. الكلمة دي استفزتهم ابتدوا يزودوا الضرب.. كانوا بيضربوني مقصات في الرجلين.. أطير وأقع على رجلي.. واحد ضربني مقص طرت ووقعت على السلم.. حسيت إن رجلي نملت وشفت شرارة في عيني.. صرخت رجلي اتكسرت.. رجلي اتكسرت.. ما صدقوش وفضلوا برضه يضربوا.. في الآخر دخلوني أوضة الحجز.. بقيت حاطط رجلي في كف ايدي بأثبتها وقعدت أصرخ من الألم وهم مش مصدقين إن رجلي انكسرت وطلعوني بره من الطرقة وأنا بأصرخ .. وكل شويه حد ييجي يحاول يحرك رجلي مش مصدق.. قعدوني تلات ساعات وجابوا لي مسكن وكل شويه يقولوا لي استنى لما أحمد المنيسي ييجي عشان يمشيك.. أحمد المنيسي ده الضابط اللي قبض عليا وكان بيحط رجله ويضغط على صدري وعلى رقبتي وهم بيضربوني وأنا في الأرض عشان ما أصرخش ويقول لي اسكت.. وأخيرا جه ضابط قال لهم دخلوه لأحمد بيه.. شالوني من كتافي وأفخاذي ورجلي بتترجرج وأنا بأصرخ من الألم.. الضابط أول ما شفاني قال لي البس “الكوتشي بتاعك”.. قلت له “ما اقدرش”. فضلوا يحاولوا يلبسوني.. فكوا الرباط وعاوزين يلبسوني الكوتشي العافية وأنا بأصرخ بأعلى صوت.. نزلوني وقعدوني على كرسي.. الساعة كانت حوالي 6 صباحا.. طلعوا بي الشارع وأول تاكسي جه وقفوه وحطوني فيه.. أنا قلت للتاكسي مستشفى ناريمان وخليت السواق يكلم أخويا وقلت له رجلي اتكسرت. أخويا جالي وحاول يعمل محضر في المستشفى قالوا له إحنا ما بنعملش محاضر لضباط.. روح النيابة. دخلوني للدكتور عرف ان رجلي انكسرت وعملت أشعة.. طلع فيها كسرين.. رجعت الاستقبال ركبوا لي جبيرة وبعدين ادوني بنج نصفي في الضهر وجبسوها لغاية فوق الركبة. أنا كنت شايفهم بس مش حاسس بالألم.. يوم السبت أخويا راح النيابة ودخل لأحمد بيه السباعي وقال له ضربوا أخويا وكسروا رجله.. وكيل النيابة طلبني ورحت له تاني يوم وفتح لي محضر وعرضني على الطب الشرعي والطب الشرعي عمل أشعة على رجلي وسجلنا محضر في النيابة (رقم 14181 لسنة 2010 إداري سيدي جابر)”

الضرب الوحشي لمحمد انتهى به إلى ملازمة الفراش لمدة شهرين، ويخشى الأطباء من أن تنتهي هذه الواقعة البشعة بعاهة مستديمة، وهى إن حدثت وإن سارت التحقيقات بنزاهة فحتما سيجد الضابط والمخبرين أنفسهم في محكمة الجنايات، وحتما لن يتعاطف معهم القضاة ليس فقط بسبب ضرب مواطن والشروع في قتله، بل كذلك لأنه لا يوجد أي مبرر لتوقيفه ولا لاحتجازه بالقسم، فمحمد ضرب بوحشيه حتى “تكسير العظام” لمجرد أنه دافع عن كرامة أمه حين شتموها بأقذر الألفاظ.. ولأنهم يعرفون الآن حجم الإجرام الذي ارتكبوه فقد بدءوا في الكذب من ناحية وممارسة الضغوط المعتادة من ناحية أخرى، فقد أسرعوا بالتخلص من محمد بعد أن تأكدوا من “حقيقة كسر ساقه “بإحراجه من القسم بسرعة وراحوا يشيعون أن محمد وصل إلى القسم مكسورا ! وأسرعوا في إرسال الوسطاء لممارسة التهديد والترغيب المعتاد.
فعلى مدى اليومين الماضيين استمرت  الضغوط على محمد إبراهيم سواء بالتنازل أو بالمضايقة والتهديد بتليفونات، بل أن  قوة من مديرية امن إسكندرية ذهبت إلى  منزل جدته بسيدى جابر برئاسة ضابط يدعى اشرف طلبه وضابط آخر اسمه ياسر القطان وذلك بحجة طلب محمد لمقابلة اللواء ناصر العبد مدير إدارة البحث الجنائي وتركوا ورقة لجدته بالاستدعاء مكتوبة بخط اليد. كما تم استدعاء شقيقه في تفتيش مديرية الأمن
من ناحية أخرى رفضت النيابة طلب المحامين بتصوير المحضر بل وحتى مجد الاطلاع عليه تحت دعوى “التحقيق هيطول. تعالى كمان عشر أيام!!!”
فهل تصبح قصة محمد إبراهيم رواية جديدة في سجل تواطؤ النيابة مع الشرطة ضد المواطنين؟ وهل كان على محمد إبراهيم أن يحني رأسه لسب والدته كي تضيف الداخلية إلى سجل انجازاتها مزيدا من إهدار آدمية وكرامة المواطنين؟

محمد إبراهيم ضرب وكسر وأهين لأنه رفض الإهانة.. فهل من عدالة تنصفه؟

مواضيع ذات صلة