النديم لمناهضة العنف والتعذيب

عاد لينتقم!

رقما قياسيا ضربته قوات الامن المصرية في التنكيل بالمواطنين وممارسة التعذيب بعد فترة توقف فيها التعذيب بيد الشرطة لتمارسه الشرطة العسكرية .. اختلفت الأجهزة وبقي التعذيب.. وكأن ثورة الشعب المصري لم تشتعل يوم 25 يناير في عيد الشرطة بالذات لترسل رسالة واضحة للقاصي والداني بأن الشعب المصري سئم الاهانة والتعذيب والملاحقة الأمنية وتمتع الجلادين بالحصانة وحماية النيابة والقانون.

فهل عادت الداخلية لتنتقم؟ أم لتتنافس مع الشرطة العسكرية في كيفية قمع المصريين وتعذيبهم؟ أم أن الحرية التي يتمتع بها الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين أثناء الثورة كانت بمثابة رسالة لرجال الشرطة بأن أحدا لن يمسهم وأنهم سوف يتمتعون بالمحاكمات المدنية دون أن تحد حريتهم بل وحتى دون إيقافهم عن أعمالهم.
في خلال ثلاثة أسابيع قتل أربع مواطنين، سائقين وطالب حقوق وطالب بمدرسة مبارك كول وعذب سائق وابنه في قسم الدقي وفقد طالب صيدلة في الاسكندرية إحدى عينيه برصاص ضابط شرطة، واستئصلت أمعاء سائق توك توك بعد ما أطلق عليه ضابط الرصاص في بطنه، وتعذيب آخر وتعليقه على باب الزنزانة لمدة يومين، وأمين شرطة يدعى عماد حموش بمركز شرطة كوم حمادة بمحافظة البحيرة يطلق النار على احد المواطنين فى منطقة البطن اثناء مشادة بينهم ووفاة المواطن متاثرا بالطلق النارى.. والقبض على المواطنة مي متولي السيد متولي وتعرضها للضرب على يد شرطة المرور قبل تسليمها للشرطة العسكرية وتحويلها للمحاكمة العسكرية.. واحتجاز مصطفى المرصفاوى 3 ساعات في قسم مدينة نصر قبل نقله للمستشفى رغم إصابته المتفاقمة فى عينه وتعرضه لنزيف نتيجة لإصابات فى وجهه وظهره بعد تعرضه للضرب من طلاب الأزهر وتحرير محضر ضده بتحريض سائق السيارة على الاصطدام بالطلاب.. واعتقال فلاحين وعمال معتصمين سلميا أمام مجلس الوزراء واحتجازهم في قسم الموسكي ثم الامر بمد حبسهم 15 يوما.. وطالب الشرطة المثالي ينشر قصيدة على صفحته على الفايس بوك، تتناقلها الصحف، يهدد فيها الشعب المصري بأيام سوداء كالهباب وبالضرب على القفا “مثلما اعتادوا” ثم ينشر تهديدا صريحا لرامي عصام مغني الثورة.. وما من تكذيب من الداخلية أو المجلس العسكري، وما من اعتذار، وما من قرار يصدر عن العيسوي بفصل الطالب المثالي وتحويله الى التأهيل النفسي لتقويمه والتعامل مع ما يحمله من عنف وكراهية للناس وهو المنوط به حماية البلاد والمواطنين.

واخيرا وليس آخرا تظهر هذه الجثث مجهولة الهوية، التي لم يعلن عنها سوى عند الاعلان عن دفنها باعتبارها لشهداء الثورة ليتضح بعد ذلك على لسان نائبة رئيس مصلحة الطب الشرعي أن 17 من التسعة عشر جثة كانت في ملابس السجن.. ولنقرأ اليوم في الشروق أن مزيدا من الجثث في طريقها الى مشرحة زينهم.. ليعود الى الأذهان ما ورد في بعض شهادات الناجين من تعذيب السجن الحربي بوجود عدد من الجثث لسجناء هربوا أو أجبروا على الهرب بواسطة ادارة السجن قبل أن يطلق عليهم الرصاص ويحملوا كالبضائع في سيارات السجن.

من أين تاتي هذه الجثث؟ ولماذا لم يعلن عنها لكي يتوجه من فقدوا أبناءهم لمحاولة التعرف عليهم؟ ولماذا ترفض المشرحة اجراء اختبار الحامض النووي لتحديد هويتهم؟ وبأي أوامر توشك البلاد أن تغرق في موجة من التعذيب والموت تحت التعذيب واطلاق النيران العشوائي على المواطنين؟

في المقابل تحدثنا بيانات المجلس العسكري عن الانفلات الأمني. فهل يقصد انفلات الحالة الامنية في البلاد؟ ام انفلات رجال الامن من سيطرة القانون؟؟ وتحدثنا الداخلية عن “خوف الشرطة من العودة” حتى لا تكال لها اتهامات بخرق حقوق الانسان، كما لو كانت الشرطة تستمد الطمأنينة من خرق القانون وقمع المصريين..  ويستقبل كلاهما شكاوى وشهادات التعذيب إما بالتجاهل أو اتهام ناشريها بالسعي الى الوقيعة بين الجيش والشعب، أو باستخدام الاعلام ليتحدث عن تضارب الأقوال والروايات بدلا من أن يطالب بسرعة المحاسبة.

إننا نذكر القائمين على الحكم في هذه البلاد، سواء كانوا في المجلس العسكري أو في وزارة الداخلية، أن المصريين ثاروا وفقدوا الشهداء وأصيبوا وتحمل الكثيرون منهم كافة أنواع الرصاص والاهانة سواء في المتحف المصري أو في السجن الحربي أو في باقي أماكن الاحتجاز لتحرير مصر من الطغيان بكافة انواعه وبغض النظر عن طبيعة البدلة التي يرتديها الجلادون.. ونذكرهم أيضا ان جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، وان الشعب الذي ثار مرة واستهدف اول ما استهدف مقار التعذيب في الأقسام ومقار أمن الدولة لن يتواني عن الثورة مرة ثانية وثالثة الى ان يتخلص من آخر أدوات القمع..

لقد بدأت الثورة لكنها لم تنته.. ولا مجال للحديث عن انتصار الثورة دون تطهير كافة الهيئات والجهات الحاكمة في البلاد وعلى راسها مؤسسة الشرطة ومؤسسة الجيش.. واذا كانت الثورة نجحت في اجبار القائد الأعلى لكلى الجهتين على التنحي فلا أقل من تطالب اليوم بتطهير المؤسستين من أتباع الرئيس المخلوع ومنفذي سياساته.

مواضيع ذات صلة