لم تصل مطالب الثورة بإعادة هيكلة وزارة الداخلية لجديد بعد..تغيرت اللافتة أو الشعار..وعاد نفس الضباط أكثر قسوة وشراسة..وأضيف لمآسي التعذيب في عصر مبارك مأساة إطلاق النار علي المواطنين وفي كل الحالات يكون الضرب في مقتل..يسقط الشهداء يوما بعد يوم والضباط أحرار في حماية وزير الداخلية الذي أتاح للضباط حق إطلاق النار إذا "إذا لزم الأمر"؟!
ولا يمكن تفسير ازدياد ضحايا استخدام الذخيرة الحية إلا بالانتقام الشرس من الشعب الذي ثار ضمن ما ثار ضد ممارسات التعذيب المنهجي الذي تمارسه وزارة الداخلية؛ ذراع النظام الطولي في إرهاب المصريين في عصر الرئيس المخلوع.
محمد السيد عبد الله..شاب في مقتبل العمر يدرس في المرحلة الثانوية التجارية ويعمل في ذات الوقت علي سيارة ميكروباص ليساهم مع أسرته في تكاليف المعيشة..أحمد ترك عالمنا اليوم ..ولحق بغيره ممكن قتلوا في شوارع مصر رميا بالرصاص.
تعود الواقعة لصباح الخميس 12 يناير 2012 في منطقة وادي القمر غرب مدينة الإسكندرية.. محمد يسوق السيارة الأجرة ..تحدث مشادة في الطريق مع سيارة ملاكي كالتي تحدث مئات المرات في اليوم الواحد.. ولسوء حظ محمد يتبين أن سائق السيارة الملاكي عميد طيار(متقاعد) مصطفي الرفاعي وبصحبته ابنه حسام الرفاعي ضابط شرطة برتبة ملازم أول.. ترك حسام السيارة وأدخل سلاحه من شباك السيارة الميكروباص وصوبه تجاه رأس المجني عليه.. ليطلق رصاصة تستقر في رقبة محمد بدلا من رأسه أثناء محاولة محمد أن يميل برأسه تفاديا للرصاص. بينما فر الضابط حسام هاربا من المكان عندما شاهد تجمع الأهالي..وأعترف الأب الذي حوصر بأهالي المنطقة أن ابنه هو الذي أطلق النار.
نقل محمد للمستشفي الميري وتعذر استجوابه لسوء حالته الصحية وسجلت القضية برقم 461 لسنة 2012 إداري الدخيلة. وفي التحقيقات قام اللواء مصطفي الرفاعي بإنكار أقواله لأهالي المنطقة واعترف علي نفسه بأنه هو الذي أطلق النار. وبناء عليه أمرت النيابة بحبسه أربعة أيام علي ذمة التحقيقات وحولت القضية لقاضي التحقيق (برقم 55 لسنة 2012 حصر تحقيق) الذي أخلي سبيله أثناء نظر تجديد أمر الحبس. ومازال اللواء وابنه مطلقي السراح رغم استئناف النيابة لقرار إخلاء السبيل حيث أيد القاضي الجنائي قرار إخلاء سبيل اللواء مصطفي الرفاعي.
والجدير بالذكر أنه لم تتم معاينة السيارة الميكروباص بحثا عن الطلق الناري ولا مكان الواقعة للبحث عن المظروف وهي أدلة جنائية هامة لتحديد نوع السلاح المستخدم في الجريمة وقرينه هامة علي الجاني الحقيقي، هل هو ضابط الشرطة أم والده اللواء مصطفي الرفاعي؟
محمد ليس أول شهداء الداخلية وإن لم يتم إعادة هيكلة هذا الجهاز المنفلت فلن يكون محمد آخرهم.
إن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف إذ يعرب عن رفضه القاطع لاستمرار ممارسات التعذيب المنهجي والقتل العشوائي يعيد التأكيد علي ضرورة إعادة بناء وزارة الداخلية علي أسس جديدة من لحظة الالتحاق بالدراسة حتى إحالة الضباط للتقاعد..وتبدأ فورا باستبعاد الضباط المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان طوال العقود الثلاث الأخيرة وحتى اليوم، وفتح كافة ملفات التعذيب المغلقة وإعادة التحقيق في دعاوى التعذيب، مع فصل سلطات التحقيق والطب الشرعي عن الجهات التنفيذية.