حسيت إني عجزت، حسيت جوايا ماعادش فيه نفس لا لضحك ولا لهزار، وفي نفس الوقت مش عارفة أتصرف مع عيالي. مش بنام. بيجيلي كوابيس عن جوزي وعن بنتي كوابيس من الواقع.. من الواقع. كل طلبي انه يتنقل سجن قريب مني علشان أقدر ألاحق
سارة محمد منتصر، 29 سنة زوجة المعتقل إيهاب الشحات العزب، 34 سنة، لديه محل لعب أطفال. لديهما 4 أطفال (شهد 5 ابتدائي، وعمر 1 ابتدائي، ومحمد وملك 4 سنين).
عن الأطفال
عمر في أولى ابتدائي
حصلت له حادثة من ثلاث سنين؛ وقع على دماغه من ورا وجا له نزيف في المخ. جت له نوبة صرع مرة واحدة، وبعد كده بيشوف خيالات وبيخاف منها، بيقول حاجة بتقرصني ماشية على الحيطة، وبعد كده يصرخ ويقول جت عليا. مش مهتمة بيه أوي عشان حالة ملك. كان بياخد دوا وبطله.. مش بيركز في المدرسة بس أنا قلت للمدرسين على الحادثة ومش بيحاسبوه.
ملك، 4 سنوات
عندها ضمور في المخ، ما تعرفش اللي حواليها. من 3 شهور بدأت تعرفني من صوتي. بتعمل جلسات علاج طبيعي ومتابعة مع دكتورة في القاهرة مخ وأعصاب. من 3 شهور حصل لها فضل كلوي، جسمها على طول وارم، والبول محبوس، وبيدوها علاج. راحت مستشفى دمياط 15 يوم، وبعد كده رحت اتحجزت في مستشفى جامعة المنصورة من أول شهر يناير حتى الآن (فبراير). امبارح جالها استسقاء، وقلقانين على قلبها.
أبويا وأمي في الوادي الجديد. أنا محجوزة في المستشفى. عمر وشهد عند حماتي، ولما خلصوا مدرسة راحوا الوادي الجديد.
الزوج، ايهاب الشحات العزب
يوم 12 – 9 – 2014 كان في المحل، محل لعب أطفال.. وأنا كنت في البيت، الساعة 9 بالليل كان قاعد عادي حاطط كرسي قدام المحل، ومعاه واحد صاحبه، وبعدين جم تلاتة بلبس مدني سألوه حضرتك الأستاذ إيهاب؟ قالهم أيوه. كان مفكر إنهم عاوزين منه حاجة. “أيوة اتفضلوا”، قالوا عاوزينك في المركز نسألك على شوية حاجات، وبعد كده هترجع تاني على طول. مشي معاهم حتى من غير ما يقفل المحل. أخوه في المحل اللي قدامه. المحل في الشارع اللي ورا المركز.. تلات دقائق مشي..
مجرد ما وصل باب المركز، جت عربيات شرطة محاصرة الشارع كله، كسروا كل المحل، وسرقوا الفلوس. كل ده كان قدام الناس.. العربية اللي واقفة قدام المحل واحد منهم رفع الكرسي اللي قدام وطلع من العربية سلاح ودخله جوا مخزن المحل، وده بشهادة الناس. وبعد ما دخله خرجه تاني قدام الناس وزعق “شايفين السلاح اللي عنده”، كل ده والناس شايفة السلاح وهو داخل وخارج. لدرجة إن تاني يوم واحد بتاع توكتوك جه لحماتي وقالها اللي حصل. قالت له تعالى القسم اشهد، فخاف.
على ما نزلت من الشقة لقيت بضاعة المحل على الأرض، وشباب في الشارع وأصحابه عيطوا من المنظر.
أول ما جالي الخبر، بقيت عمالة أصرخ خايفة عليه، لأن إنزيمات الكبد عنده عالية، كان تعبان، أخدت الطريق من البيت للمحل للمركز عمالة أعيط بصوت عالي وازعق في الناس سبتوهم ياخدوه ليه؟ هو عمل ايه، مش حرام؟ مالحقتوهوش ليه؟
بعد كده وصلت المركز، لقيت أخوه هناك. قالي بعد ما إيهاب دخل، مفيش 3 دقايق، جت 3 عربيات شرطة محملة جنود (من أمن الدولة). سألنا عنه في مركز كفر سعد، قالوا لنا مش عندنا. لفينا كل مراكز دمياط 4 أيام وهو مختفي. كنت حاسة إني مش هشوفه تاني، لا بآكل ولا بشرب، بنزل أدور واطلع أنام. وإحباط، والعيال طبعًا في الوضع ده.
عملنا فاكسات للنائب العام، بعد كده المحامي كلمنا من المحكمة، قالنا إيهاب هيتعرض نيابة، رحت شفته في النيابة، لسه رايحه له، قعد يزعق ويقول لي إمشي من هنا، ماحدش يقرب. هو ماكانش ماشي على رجليه، كانوا ماسكينه من إيده وبيسحبوه على الأرض. اتعرض على النيابة، دخل وراه ناس وحاجات قالوا إنها أحراز: جركن بنزين، سلاح وخرطوش، وعلب كبريت، أحراز شايلها أربع أشخاص.
إيهاب إيده الشمال من الكف مبتورة، والصباع الأوسط في اليد اليمنى مبتور. بتر ايده الشمال من حادثة من 4 سنين، وبتر الإيد اليمين من زمان، من حوالي 20 سنة، هيشيل الكلام ده ويخبيه إزاي وهو عنده إعاقة…. يوم العرض لا كان قادر يتكلم ولا يقعد ولا يقف ولا أي حاجة.
3 أسابيع أو شهر بعد العرض ما أعرفش عنه حاجة. أسأل عليه، ينكروا وجوده. ناس قالوا لي سجلي اسم في موعد الزيارات، وممكن اللي بيسجل ماياخدش باله إنهم خافيينه، فأعرف هو فين حتى لو ماشفتوش.
عملت كده وبرضه ما عرفتش..
أول مرة أعرف عنه، كان في مركز فارسكور. واحد من الجنائيين اللي هناك اتصل على أخوه، وعرفه إنه موجود هناك. بقينا نبعت زيارة إيهاب مع الجنائي (كان المأمور موصي الجنائيين يضايقوا إيهاب في النوم والقعدة وكده. أول يوم وبعد كده صعب عليهم وخدوا بالهم منه).
المحامي قالنا إن إيهاب أول ما دخل باب المركز غموا عينيه على طول، بقى يسمع أبواب بتتقفل وراه وخطوات ماشية. وبعد كده دخل أوضة قلعوه هدومه كلها، وبدءوا يعرضوا عليه التهم: حرق قطر، قطع طريق، حرق كمين شرطة، حيازة سلاح خرطوش.
أول ما بدأ ينكر، بدأت مرحلة التعذيب. كهرباء في الجسم، وفي مناطق حساسة بزيادة، وفي ودانه. قطعوا حتة من جنب اللسان، ضرب بالعصاية السودا في ضهره ورجله بقوة. عشان كده ماكانش قادر يتحرك يوم العرض، ولا حتى كان قادر يشرب، قطع اللسان لسه مش بيخليه يتكلم كويس.
الأسبوع اللي بعده قلنا نجرب ونشوف هيدخلونا ولا لأ. رحنا زيارة، كنت أنا ووالدته وأخوه، وعلى إيدي ملك. أخدت ملك لأنه بيحبها وهي عنده كل حاجة. ندهوا عليه للزيارة فجأة. ماكانش عارف بيندهوا عليه ليه، كان مفكر إنه هيتعذب تاني. شفناه وبيننا حاجز والزيارة ماكملتش 3 دقايق مالحقناش نسلم.
لما شفته المرة اللي بعدها، بقى يقولي ماجبتيش ملك معاكي ليه، المرة اللي فاتت عرفت بعدها إنه مابقاش يشوف ولا يسمع كويس من كتر التعذيب، وكان بيعرج.
رحت الزيارة اللي بعدها، مالقيتوش هناك. ماكنتش عارفة مشي فين. تاني يوم جت لي رسالة من سجن جمصه. وعرفوني إنه هناك. عشان أقدر أشوفه في جمصه استنى 11 يوم.
بعد 11 يوم رحت زرته، وهناك حكى لي بالتفصيل عن التعذيب واللي حصل في نص ساعة. وعرفت يومها إنهم هددوه بيا وقت التعذيب عشان كده كان بيزعق أول ما شافني في المحكمة وماكانش عاوزني أبقى هناك. يومها قعد يعيط ويقولي ماتقعديش في الشقة لا أنتي ولا العيال من قلقه علينا.
إيهاب كان بيتعرض على محكمة جنايات دمياط 9 شهور، وبعد كده القضية اتحولت عسكري الإسماعيلية، فبقى يروح وييجي كل أسبوع في الحر وعربية الترحيلات كلها صهد من غير لا مياه ولا عصير ولا أي حاجة. فضل يتجدد له، وبعد كده اتحكم عليه عشر سنين ومليون ونص غرامة مع إن التهم لا تناسب صحته ولا إعاقته.
يوم 17 نوفمبر 2015 جالي خبر إنه اترحل من جمصه عشان تصديق الحكم، فهيروح وادي النطرون أو أي حتة تانية، بس حتى لو وادي النطرون هفضل كتير عشان أشوفه.
إيهاب اتحول وادي النطرون