النديم لمناهضة العنف والتعذيب

رسالة من مقبرة العقرب

”إنت يا بني فاكر نفسك غاندي.. خليك كده جوع في نفسك وبرضه محدش حيعملك حاجة“

”إنت يا بني فاكر نفسك غاندي.. خليك كده جوع في نفسك وبرضه محدش حيعملك حاجة“

عامين من الظلم والقهر عامين من التجبر وأعتى آلات القمع والاستبداد وبمرور الأحداث أتساءل ونفسي مرارا وتكرار لماذا تمارس ضدي كل هذه الممارسات الوحشية والقمعية التي يسودها الظلم والطغيان؟

هل كل هذا لأنني شاب عاشق لتراب هذا البلد أردت له ولأهلي الخير والصلاح وأن يسود فيه العدل ويندثر فيه الظلم والطغيان؟ ولوكان كذلك فمن هؤلاء الناس الذين يضعونني خلف هذه الأسوار الحديدية من خارجها أقفال ومن وراءها أقفال ومن هؤلاء الناس الذين يبذلون كل مجهوداتهم ليثبتوا أنني من خونة هذا الوطن ويعملون على إثبات أنني من أبناء الشيطان ومن هؤلاء الناس الذين وصل بهم حال جماجمهم لدرجة الكسل وحال قلوبهم لدرجة المرض ليصدقون أي شيء يقال ولوكان حتى منافيا ومعاكسا لما رأوه وعاصروه من تطبيق عملي خلال معاملاتي الحياتية معهم. لقد بدأت رسالتي ببعض الأسئلة فعلي من لديه الإجابة أن يفيدني بها. ولا أنسي أن أذكر بعض النقاط التي تحضرني وليس جميعها.

1- سمعت خبراء ورتبا ممن قاموا على إعتقالي يتحدثون كثيرا عن تطبيق القانون ومن أكثر الجمل التي سمعتها منهم (المتهم برئ حتي تثبت إدانته) تساءلت كثيرا ماذا تعني هذه العبارة فأجابني أحد زملائي من كبار السن والذي له خبرة في عالم الإعتقال قائلا إن معني هذه الجملة أنك طالما لاتزال تحت التحقيق أو ما زلت تحاكم علي ذمة قضية معينة فيجب أن تعامل معاملة المدني وتتمكن من ممارسة جميع حقوقك الإنسانية والقانونية فقلت له بلهفة هل القانون ينص علي ذلك فقال لي نعم فقلت أين هومن الواقع؟ فرد على قائلا يابني هؤلاء يتعاملون مع قوانينهم وكأنها أصناما من العجوة يقدسونها عندما تكون في صالحهم وتخدم قمعهم ويأكلونها عندما تدينهم وتعارض رؤيتهم.

2- أيضا مما استفز مسامعي كثيرا طيلة فترة اعتقالي جملة مكونة من كلمتين (حقوق الإنسان) وبصدد ما يحدث لي في هذا المعتقل الأسود تساءلت كثيرا هل هناك شئ في هذا البلد له علاقة بحقوق الإنسان وكل ما توصلت إليه نعم إنه يوجد هناك حقوق ولكنها حقوق الحيوان لقد أثبتت حادثة كلب شبرا التي عوقب الجاني بها بالحبس أن ببلدنا الحبيب توجد حقوق للحيوان حينها تمنيت لو أنني حيوانا لأحصل على شيء من حقوقي.

3- قبل إعتقالي كل ما كنت أعرفه عن السجون وأحوالها هوما كنت أراه في بعض الأفلام والمسلسلات التي كانت تصور السجن بأنه عبارة عن سور يفصل الذين يعيشون بداخله عن العالم الخارجي ولكنك داخل هذه الأسوار تستطيع أن تمارس جميع حقوقك الإنسانية والقانونية ولكن بعد اعتقالي ومعيشتي بهذا السجن الكئيب أستطيع أن أجزم بأنه لا فرق بين السجن وبين المقبرة وأنت لا قيمة لك ولباسك الأبيض الذي ترتديه أشبه بالكفن الذي يلف به الميت الذي يحضر لدفنه بالتراب وأدركت أن كل ما عرفته عن السجن قبل اعتقالي ما هو إلا درب من دروب الخيال.

وبعد أن سردت بعض النقاط البسيطة وأعطيتك نبذة مختصرة إليك فيما يلي بعض مما أعاني:

· منذ 21/3/20015 دخلت في إضراب عن الطعام مطالبا ببعض حقوقي التي تنص عليها لائحة السجون المتمثلة في تمكيني من مناقشة رسالة الماجستير التي كنت قد إنتهيت من دراستها منذ عامين ولا يتبقى لي سوي المناقشة وأيضا تمكيني من تلقي علاجي حيث أنني أعاني من أمراض بالقلب ونتيجة للحالة المعيشية السيئة والغير آدمية داخل زنازين (مقابر) السجن أعاني من آلام في منطقة الرأس وعدم تركيز وإغماءات متكررة ومن مطالبي أيضا وبعض حقوقي تمكين والدتي من زيارتي زيارة آدمية.

· أستمرت فترة إضرابي لمدة 98 يوم حتي 28/6/2015 وكل ماكنت أسمعه من إدارة السجن هو أن الإضراب لن يأتي بجديد ولن تحصل علي شيء بهذه الطريقة فلجأت إلي القضاء وطلبت من القاضي القائم علي محاكمتي تمكيني من ممارسة حقوقي وأصدر عدة قرارات متتالية لتمكيني من هذه الحقوق ولكن لم ينفذ منها شيء وحينما عدت إلي القاضي وكررت عليه مطالبي فوجئت برده وكان مماثلا لرد إدارة السجن وهو يجب عليك أن تتخلي عن الإضراب أولا وبعدها سنساعدك وطيلة هذه 98 يوما وما لاقته صحتي من تدهور وما واجهته من إدارة السجن والقضاء من ضغوط استجبت وتخليت عن الإضراب ظنا مني بأنني سوف أحصل علي بعض حقوقي بعد إنتهاء الإضراب كما قالوا لي ولكن بعد أن تخليت عن الإضراب زاد الأمر سوءا وطيلة الفترة من 28/6/2015 حتي 9/12/2015 أطالب بحقوقي وكل ما لاقيته هو التجاهل وعدم الاهتمام وكأنني أطالب بشئ خارق للعادة فأضطررت في الدخول في إضراب عن الطعام مرة أخري منذ 9/12/2015 وحتي يومنا هذا وأيضا أطالب بالحصول علي بعض من حقوقي الإنسانية والقانونية المشروعة.

وإليك بعض ما حدث طيلة هذه الفترة من أحداث: فيوم السبت الموافق 16/1/2016 شعرت بدوار نتيجة إضرابي عن الطعام وسقطت علي الأرض فأصيبت يدي اليسرى وكان هناك اشتباه لكسر أو شرخ في بعض الأصابع وتم طلب عمل أشعة علي اليد وتم تجاهل الأمر من إدارة السجن حتي يوم الخميس 21/1/2016 حضرت النيابة إلي السجن واستدعتني للتحقيق في أمر الإضراب وأسبابه وماهي مطالبي وشرحت لممثل النيابة مظلمتي ووعدني بإيجاد حل ومحاولة نقلي من هذا السجن ويوم السبت الموافق 23/1/2016 طلبوني لعمل الأشعة ولكن كانت حالتي الصحية سيئة جدا إذ كان معدل السكر بالدم 37 وبدلا من أن أجد الرعاية الطبية اللازمة فوجئت بمأمور السجن الذي تقع به المستشفي يسقط علي وابلا من السباب وقام ورجاله بضربي ضربا مبرحا حت سقطت علي الأرض مغشيا علي وكدت أن أفقد حياتي وطلبت تحقيق في الواقعة ولكن لا حياة لمن تنادي وفي اليوم التالي 24/6/2016 وبعد التعدي علي بالضرب والتعذيب والسباب ازدادت صحتي سوءا إذ وصل معدل السكر في الدم 25 ولم أشعر بنفسي إلا وأنا طريح الفراش بالمستشفى وبدلا من أن أتلقي العلاج بالمستشفى أو أن يستجيب أحد لمطالبي فوجئت بالضغط علي المستشفي عن طريق منع المحاليل الطبية التي تحتاجها حالتي كنوع من أنواع الضغط لأتخلي عن إضرابي وعن شكواي ضد إدارة السجن وضد المأمور القائم علي ضربي وتعذيبي وها أنا حتي الآن لم أحصل علي أي حق من حقوقي ولكن مستمر في إضرابي حتي أحصل علي حقوقي الإنسانية والقانونية التي نص عليها القانون.

وأخيرا أقول لكل من يتحدث عن شئ من حقوق الإنسان (البقية في حياتك). وفي النهاية تحضرني مقولة لأحد ضباط السجن حيث قال لي يوجد بمصر 43 سجنا منهم 42 سجن تطبق عليهم اللوائح والقوانين أما هذا السجن فليس سجنا عاديا فهنا لا توجد قوانين أو لوائح والسجن يدار عن طريق مجموعة من التعليمات التي تأتي من جهات سيادية إلي السجن مباشرة. ويحضرني أيضا ما قاله لي هذا المأمور القائم على ضربي وسبابي (إنت يا بني فاكر نفسك غاندي خليك كده جوع في نفسك وبرضه محدش حيعملك حاجة).

أحمد إسماعيل ثابت (العقرب شديد الحراسة عنبر 3 وينج 3 زنزانة 17)

ملحوظة:

علما بأنه تم معاقبته مؤخرا بمنع دخول الماء له عقابا له كنوع من أنواع الضغط حتى يقوم بقطع الإضراب

مواضيع ذات صلة