النديم لمناهضة العنف والتعذيب

أرشيف القهر في عام 2016

كلمة فريق عمل النديم

نصدر هذا الأرشيف في ذكرى اليوم الذي شهد اندلاع ثورة 25 يناير في عام 2011، حيث تحول اليوم المسمى بعيد الشرطة إلى يوم للثورة على تلك الشرطة وما ارتكبته ولازالت ترتكبه من جرائم، وليس لدينا أي شك أن ما تمكننا من تجميعه من انتهاكات رصدتها وسائل الإعلام المختلفة ما هو إلا قمة جبل الثلج.. فتحت السطح أو بعيدا عن رصدنا تجري أضعاف تلك الجرائم التي نعتذر لضحاياها بأننا لم نتمكن من الوصول إلى معرفتها.

يبدأ هذا الأرشيف ببعض أقوال المسئولين التي صدرت عنهم في عام 2016، بداية من رأس الدولة إلى أحد الرموز الإعلامية المتحدثة باسمها.. كلها أقوال تنفي وتشجب من يعارض هذا النفي.. فبحسب هؤلاء المسئولين تعيش مصر أزهي عصور الحرية وسجونها فندقية حتى أن المحتجزين أحيانا لا يرغبون في الخروج، والحديث عن الاختفاء القسري كذب يستهدف صورة مصر أمام العالم.. والسجون وأقسام الشرطة خالية من التعذيب.. والمحتجزون يتلقون أفضل رعاية طبية!!!!

هذا الأرشيف الإعلامي يشهد بغير ذلك. وهو أرشيف خال من الشهادات التي استمعت لها طبيبات عيادة النديم.. كل ما يرد في هذا الأرشيف مقتصر على ما تم تجميعه من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بأنواعها، لذلك فقد أوردنا في نهاية كل رقم وكل شهادة وكل تقرير الرابط الذي يمكن القارئ/ة من العودة إليه للتأكد من نشر المعلومة.

فيما يتعلق بالإحصائيات فقد صنفناها بين قتل (خارج القانون، رغم قناعتنا بأن كل قتل ولو بالقانون هو اعتداء وانتهاك للحق في الحياة) ثم وفاة في مكان الاحتجاز، ثم تعذيب فردي، ثم تكدير أو تعذيب جماعي، ثم إهمال طبي في أماكن الاحتجاز، ثم اختفاء قسري وظهور بعد الاختفاء القسري وأخيرا ما نشر من أحداث عنف الدولة.

في حصر حالات التعذيب المنشور عنها اقتصر إحصاءنا على من ذكر الخبر المنشور تعرضهم للتعذيب، لكننا لم نضف إليهم أعداد المختفين قسريا، رغم قناعتنا أن الإخفاء القسري لا يخلو من تعذيب المختفين وإلا فما هو السبب الذي يدفع رجال الأمن إلى اختطاف مواطنين وحجبهم عن أي اتصال سواء بمحاميهم أو أسرهم أو العالم الخارجي عموما سوى أن يتسنى لهم الاستفراد بهم بعيدا عن العيون وانتزاع الاعترافات أو أسماء جديدة يتم اعتقالها لاحقا.

ومثلما حرصنا على رصد ما نشر من حالات الاختفاء القسري حرصنا أيضا على توثيق أماكن ظهور هؤلاء المختفين، ذلك أنه يناء على هذا الأرشيف لم يظهر أحد من المختفين في دولة أخرى بين صفوف داعش أو الدولة الإسلامية كما ادعى بعض المسئولين والإعلاميين بل وأحد المتحدثين باسم المجلس القومي لحقوق الإنسان، بل ظهروا في النيابات وأقسام الشرطة والمحاكم وكلها مؤسسات تابعة وخاضعة للدولة.

ما نقصده بعنف الدولة هو ممارسة رجال الشرطة (وأحيانا النيابة والقضاء) لأعمال عنف خارج أماكن الاحتجاز، مثل استخدام السلاح الشخصي أو الميري في شجارات لا علاقة لها بظروف الاعتقال والتي تتسبب إما في إصابات أو مصرع مواطنين. يندرج تحت هذا البند أيضا ما تمارسه الشرطة ورجال الأمن من اقتحام وتحطيم لمحتويات المنازل، أو احتجاز بعض أفراد الأسرة رهينة حتى يقوم الشخص المطلوب بتسليم نفسه والتي وصلت في أحد الحالات إلى إلقاء القبض على 67 شخصا من أسرة شخص مطلوب من الأمن. يقع ضمن هذه الفئة أيضا أعمال العنف التي يمارسها رجال الشرطة لإخلاء قرية أو مسكن أو لترويع منطقة بأكملها إثباتا لنفوذ ممثلي الداخلية في هذه المنطقة أو تلك.

يشمل الأرشيف أيضا أقسام عن رسائل المعتقلين وشهادات المعتقلين السابقين وكذلك شهادات أهالي المعتقلين الذين يتحملون مختلف أنواع القهر والتطبيق الانتقائي للقانون بحسب مزاج القائمين على تنفيذه خلال بحثهم عن المفقودين ثم محاولة توفير الحدود الدنيا من احتياجات أي إنسان داخل مكان الاحتجاز. تلك الأقسام بالذات هي أثمن ما يحمله هذا الأرشيف، ذلك أن كل ما ورد فيها من رسائل وشهادات هي محاولات إنسانية للغاية لتجاوز ظروف السجن وفقدان الحرية، محاولات لتحقيق ما يكاد أن يكون مستحيلا في ظروف أقل ما توصف به أنها قاسية قسوة تصل إلى الهمجية. بالتالي فإن هذه الأقسام جديرة بأن تلقى من القارئ/ة ما تستحقه من اهتمام.

لقد كان عام 2016 عاما ثقيلا. في مثل هذا الوقت تقريبا من عام 2015 أصدر مركز النديم أرشيف عام 2015 الذي ترتب على إصداره محاولتان لإغلاق العيادة الوحيدة في مصر – للأسف – التي تقدم الدعم الطبي النفسي لمن تعرضوا للتعذيب والعنف. كما روجت بعض مؤسسات الدولة – بل وحتى بعض سفاراتنا في الخارج – لأننا أغلقنا العيادة ولم نعد نستقبل جمهورنا.. رغم ثقل العام والتحديات التي تواجه النديم مثله مثل باقي منظمات المجتمع المدني عموما والمنظمات الحقوقية على وجه الخصوص، فإن عيادة النديم لم تغلق بابها أبدا ولا ليوم واحد.. ولا تنتوي إغلاق بابها.. فطالما هناك حاجة إلى ما تقدمه العيادة من خدمة سوف تستمر العيادة في تقديمها.. ولو اضطرت في سبيل ذلك أن تختار شكلا بديلا لاستقبال الناجين من العنف والتعذيب. إلى ذلك الحين العيادة متاحة لمن يحتاجها في 3 أ شارع سليمان الحلبي الدور الثاني.

أما هذا الأرشيف فهو صادر عن مركز النديم، الذي هو منظمة حقوقية مستقلة.

ولنأمل في أن يكون عام 2017 أكثر رحمة بالجميع.

للإطلاع على الأرشيف الإعلامي لعام 2016 اضغط هنا

مواضيع ذات صلة