الحكومة المصرية تُنفذ أكبر عدد من الإعدامات في تاريخها
مجموعات حقوقية تدين إعدام خمسة عشر شخصاً بعد محاكمة عسكرية تفتقر للمعايير الأساسية للحق في المحاكمة العادلة
تُدين المجموعات الحقوقية الموقعة أدناه تنفيذ حكم الإعدام بحق خمسة عشر شخصًا من المحكوم عليهم اليوم فى القضية رقم 411 جنايات كلي الإسماعيلية لسنة 2013 والمعروفة إعلاميًّا بـ”خلية رصد الضباط”، معتبرة إياه امتدادًا لمسلسل أحكام الإعدام التي لا تراعي أدنى قواعد وضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين.
فوجئ اليوم أهالى المتهمين الخمس عشر بأن السلطات المصرية قد نفذت حكم الإعدام عليهم على الرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية فى مادته 472 قد نصَّ على: “لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه فى اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيدًا عن محل التنفيذ”، وقد تم تنفيذ حكم الإعدام بسجني برج العرب ووادي النطرون وفقًا لما تم إبلاغ أهالي المتهمين به.
والمحكوم عليهم بعقوبة الإعدام 15 شخصًا: أحمد عزمي حسن محمد، عبد الرحمن سلامة سالم، علاء كامل سليم، مسعد حمدان سالم، حليم عواد سليمان، إبراهيم سالم حماد، إسماعيل عبد الله حمدان، حسن سلامة جمعة، دهب عواد سليمان، يوسف عياد سليمان، محمد عايش غنام، سلامة صابر سليم، فؤاد سلامة جمعة، محمد سلامة طلال، وأحمد سلامة طلال.
يذكر أنه قد صدر حكم أول درجة فى 16 يونيو 2015 بإعدام خمسة عشر متهمًا والسجن لمدة خمس عشرة سنة لقاصر وبراءة ثلاثة آخرين، وبتأكيد محكمة النقض العسكرية للحكم فى 13 نوفمبر 2017، لم يعد أمامهم إلا انتظار التنفيذ والذى جاء بعدها بثلاثة وأربعين يومًا. ووفقًا لقرار الاتهام، تعود وقائع القضية إلى الهجوم على كمين الصفا 2 في العريش فى 15 أغسطس 2013 حيث تم توجيه تهمة القتل العمد إلى تسعة عشر متهمًا، وهم المتهمون كلهم في القضية، برَّأت المحكمة فيما بعد ثلاثة منهم وكذلك اتُّهموا جميعًا بحيازة بنادق آلية وذخائر. وأسفر هذا الهجوم عن مقتل ضابط ورقيب وسبعة جنود آخرين.
تكشف أوراق القضية الرسمية من تحقيقات النيابة العسكرية ومحاضر جلسات المحكمة عددًا من الانتهاكات التي شابت حقوق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة، والتى لم تؤثر في عقيدة واطمئنان المحكمة أثناء تأسيسها للحكم الصادر بإعدام خمسة عشر متهمًا فى هذه القضية. أولًا: تعرَّض عدد من المتهمين لفترات اختفاء قسري وصلت إلى أربعة أيام في أماكن احتجاز غير قانونية فى قطاع تأمين شمال سيناء، وهى الكتيبة 101 حرس الحدود، ومعسكر الزهور في الشيخ زويد . وكانت النيابة قد بررت إبقاء احتجازهم في أوراق القضية استنادًا إلى الحالة الأمنية في البلاد ولعدم وجود قوة تأمين كافية، الأمر الذي يخشى منه هروبهم. لم تخلُ أيضًا أوراق القضية من توثيق لوجود آثار تعذيب تعرَّض لها المتهمون، حيث أسفرت مناظرة النيابة إلى عموم جسد إبراهيم سالم ( المنفذ عليه حكم الإعدام) عن وجود جروح وإصابات بعينه ومعصميه وساعده الأيمن وساقه اليمنى، بالإضافة إلى آثار كدمات وسحجات في منطقة الصدر والبطن والظهر، وهو الأمر الذي أثبتته النيابة في محضر تحقيقها معه.
إلى جانب الاختفاء القسري والتعذيب، للخمس عشر متهمًا الذين تم إعدامهم، فإن تسعة متهمين لم يكن لديهم محامٍ أثناء عملية التحقيق، والستة متهمين الآخرين قامت النيابة بندب ثلاثة محامين للحضور معهم ما يشكل إخلالًا في حقهم في الدفاع. انتهاك آخر تكشَّف عنه محضر جلسة السماع لشهادة الضابط مجري التحريات، هو عدم إيضاحه بالشكل الكافي طريقة جمع المعلومات التي اعتمد عليها فى كتابة التحريات، والاكتفاء بذكر أنها من مصادر سرية موثوق بها.
بتنفيذ حكم الإعدام اليوم على 15 شخصًا، يرتفع عدد الأشخاص المدنيين الذين نُفذت عليهم أحكام بالإعدام من القضاء العسكري منذ عام 2013 إلى 21 شخصًا مدنيًّا. ففى مايو 2015 تم تنفيذ حكم الإعدام على 6 متهمين فى القضية رقم 43 لسنة 2014 جنايات عسكرية شمال القاهرة والمعروفة إعلاميًّا باسم قضية: “خلية عرب شركس”، والتي شابتها انتهاكات عدة سواء على مستوى الضبط والتحقيق، أو على مستوى تجاهل النيابة والمحكمة العسكرية بلاغات الاختفاء القسري والتعذيب التي تقدم بها المتهمون وذووهم.
ويتوالى صدور أحكام بالإعدام من القضاء العسكري فى قضايا عدة مثل القضية رقم 22 لسنة 2015 جنايات عسكرية طنطا، والمعروفة إعلاميًّا بقضية إستاد كفر الشيخ، والقضية رقم 174/2015 جنايات عسكرية غرب والمعروفة إعلاميًّا باسم العمليات النوعية، والقضية رقم 264/2015 والمعروفة إعلاميًّا باسم اقتحام مركز شرطة طامية، وغيرها.
لم تمنع المحكمة العسكرية من تنفيذ حكم سالب للحياة على أشخاص شابت محاكمتهم مخالفات لضمانات المحاكمة العادلة، وفى ظل اتجاه تشريعي يوسع اختصاصات القضاء العسكري، واتجاه قضائي نحو استخدام عقوبة الإعدام استخدامًا سياسيًّا، تطالب المجموعات الحقوقية الموقعة أدناه بالحد من اختصاص القضاء العسكري في محاكمة مدنيين، كما تطالب بالتعليق الفوري للعمل بعقوبة الإعدام لِمَا تمثله من انتهاك صارخ للحق في الحياة والمحاكمة العادلة. كما تؤكد المجموعات الحقوقية الموقعة أدناه على أن الاستمرار في إصدار أحكام الإعدام، خصوصًا من محاكم عسكرية، وتنفيذ بعض منها هو إهدار لقيم العدالة ولا يحقق الهدف المعلن من قِبَل الدولة بمكافحة الإرهاب.
المجموعات الموقعة:
مركز عدالة للحقوق والحريات
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين
مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
مجموعة ضد الإعدام