نصدر هذا الأرشيف في ذكرى اليوم الذي شهد اندلاع ثورة 25 يناير في عام 2011، حيث تحول اليوم المسمى بعيد الشرطة إلى يوم للثورة على تلك الشرطة وما ارتكبته ولازالت ترتكبه من جرائم، وليس لدينا أي شك أن ما تمكننا من تجميعه من انتهاكات رصدتها وسائل الإعلام المختلفة ما هو إلا قمة جبل الثلج.. فتحت السطح أو بعيدا عن رصدنا تجري أضعاف تلك الجرائم التي نعتذر لضحاياها بأننا لم نتمكن من الوصول إلى معرفتها.
هذا الأرشيف خال من الشهادات التي استمعت لها طبيبات عيادة النديم.. كل ما يرد في هذا الأرشيف مقتصر على ما تم تجميعه من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بأنواعها، لذلك فقد أوردنا في نهاية كل رقم وكل شهادة وكل تقرير الرابط الذي يمكن القارئ/ة من العودة إليه للتأكد من نشر المعلومة.
فيما يتعلق بالإحصائيات فقد صنفناها بين قتل (خارج القانون، رغم قناعتنا بأن كل قتل ولو بالقانون هو اعتداء وانتهاك للحق في الحياة) ثم وفاة في مكان الاحتجاز، ثم تعذيب فردي، ثم تكدير أو تعذيب جماعي، ثم إهمال طبي في أماكن الاحتجاز، ثم اختفاء قسري وظهور بعد الاختفاء القسري وأخيرا ما نشر من أحداث عنف الدولة.
في حصر حالات التعذيب المنشور عنها اقتصر إحصاءنا على من ذكر الخبر المنشور تعرضهم للتعذيب، لكننا لم نضف إليهم أعداد المختفين قسريا، رغم قناعتنا أن الإخفاء القسري لا يخلو من تعذيب المختفين وإلا فما هو السبب الذي يدفع رجال الأمن إلى اختطاف مواطنين وحجبهم عن أي اتصال سواء بمحاميهم أو أسرهم أو العالم الخارجي عموما سوى أن يتسنى لهم الاستفراد بهم بعيدا عن العيون وانتزاع الاعترافات أو أسماء جديدة يتم اعتقالها لاحقا.
ومثلما حرصنا على رصد ما نشر من حالات الاختفاء القسري حرصنا أيضا على توثيق أماكن ظهور هؤلاء المختفين، ذلك أنه بناء على هذا الأرشيف لم يظهر أحد من المختفين في دولة أخرى بين صفوف داعش أو الدولة الإسلامية كما ادعى بعض المسئولين والإعلاميين بل وأحد المتحدثين باسم المجلس القومي لحقوق الإنسان، بل ظهروا في النيابات وأقسام الشرطة والمحاكم وكلها مؤسسات تابعة وخاضعة للدولة.
ما نقصده بعنف الدولة هو ممارسة رجال الشرطة (وأحيانا النيابة والقضاء) لأعمال عنف خارج أماكن الاحتجاز، مثل استخدام السلاح الشخصي أو الميري في شجارات لا علاقة لها بظروف الاعتقال والتي تتسبب إما في إصابات أو مصرع مواطنين. يندرج تحت هذا البند أيضا ما تمارسه الشرطة ورجال الأمن من اقتحام وتحطيم لمحتويات المنازل، أو احتجاز بعض أفراد الأسرة رهينة حتى يقوم الشخص المطلوب بتسليم نفسه والتي وصلت في أحد الحالات إلى إلقاء القبض على 10 أشخاص من أسرة واحدة. يقع ضمن هذه الفئة أيضا أعمال العنف التي يمارسها رجال الشرطة لإخلاء قرية أو مسكن أو لترويع منطقة بأكملها إثباتا لنفوذ ممثلي الداخلية في هذه المنطقة أو تلك.
يشمل الأرشيف أيضا أقسام عن رسائل المعتقلين وشهادات المعتقلين السابقين “ذكريات السجن” وكذلك شهادات أهالي المعتقلين الذين يتحملون مختلف أنواع القهر والتطبيق الانتقائي للقانون بحسب مزاج القائمين على تنفيذه خلال بحثهم عن المفقودين ثم محاولة توفير الحدود الدنيا من احتياجات أي إنسان داخل مكان الاحتجاز. تلك الأقسام بالذات هي أثمن ما يحمله هذا الأرشيف، ذلك أن كل ما ورد فيها من رسائل وشهادات هي محاولات إنسانية للغاية لتجاوز ظروف السجن وفقدان الحرية، محاولات لتحقيق ما يكاد أن يكون مستحيلا في ظروف أقل ما توصف به أنها قاسية قسوة تصل إلى الهمجية. بالتالي فإن هذه الأقسام جديرة بأن تلقى من القارئ/ة ما تستحقه من اهتمام.
في مثل هذا الوقت من العام الماضي أصدر مركز النديم أرشيف عام 2017 ومن قبله أرشيف 2015 الذي ترتب على إصداره محاولتان لإغلاق العيادة الوحيدة في مصر – للأسف – التي تقدم الدعم الطبي النفسي لمن تعرضوا للتعذيب والعنف، والتي أغلقت فعليا بالشمع الأحمر في فبراير 2017، وننتظر حكم المحكمة الإدارية بشأنها يوم 21 فبراير 2018. ورغم الشمع الأحمر والتهديدات والتشويه الإعلامي للمنظمات الحقوقية نفتخر بأن خدمة التأهيل التي تقدمها طبيبات النديم لم تتوقف ولا ليوم واحد.. فطالما هناك حاجة إلى ما تقدمه الطبيبات من خدمة سوف تستمر الطبيبات في تقديمها.. ولو اضطرت في سبيل ذلك أن تختار شكلا بديلا لاستقبال الناجين من العنف والتعذيب. كما أن تقارير النديم لن تتوقف طالما هناك تعذيب وانتهاكات تحرص الدولة على اخفائها ونحرص نحن – ضمن آخرين كُثر – على أن يكون المجتمع المصري على علم بوقوعها
فريق عمل مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب
25 يناير 2018
للإطلاع على أرشيف انتهاكات ٢٠١٧ كاملا إضغط هنا