النديم لمناهضة العنف والتعذيب

مركز النديم يندد بالتهاون القضائي تجاه قضايا التحرش الجنسي في مصر

يعرب مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف عن إستياءه الشديد من دور مؤسسات الدولة المتخاذل تجاه قضية التحرش الجنسي والذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المجتمع المصري بأثره، ففي ظاهرة ملفته للأنظار وعلى مستوى عدد من النيابات والمحاكم المختلفة رصد مركز النديم بعض الملاحظات المثيرة للتساؤل على أداء النيابة العامة والقضاء والتي تمثلت في الأتي:

أولاً: ففي نيابة البساتين الجزئية وأثناء عرض القضية رقم 15531 لسنة 2012 جنح البساتين تم إحالة أوراق القضية إلى محكمة الجنح وذلك على الرغم من أن القضية تشكل جناية هتك عرض بالقوة وأنتهى الأمر إلى حبس المتهم ستة أشهر بعد الحكم عليه من محكمة جنح مستأنف البساتين بتاريخ 24/11/2012 ، في حين أن الواقعة تمثل جريمة هتك عرض بالقوة وذلك لأن المتهم قام بإمساك المجنى عليها من جزء من جسدها يعد عورة من عوراتها،  وفى هذه الحالة كان على النيابة العامة قيد أوراق الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهم وفقاً لنص المادة 268 من قانون العقوبات والخاصة بهتك العرض بالقوة.

ثانياً: أما الحالة الثانية وهى حالة هتك عرض بالقوة لفتاه من جامعة القاهرة حيث أحالت النيابة العامة طالبين بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة للمحاكمة أمام محكمة جنايات الجيزة في القضية رقم 15842 لسنة 2012 والمقيدة جناية بالمادة 268  فقرة أولي من قانون العقوبات عن واقعة هتك عرض طالبة بكلية الصيدلة، بجامعة القاهرة.

يذكر أنه في السابع من نوفمبر 2012 داخل الحرم الجامعي لجامعة القاهرة فوجئت طالبة أثناء سيرها هي وزميلتها بأحد لأشخاص قام بوضع يده على ظهرها وبصحبته أخر قام بملامستها من الخلف والإحتكاك بجسدها ولاذا بالفرار لكن تم الإمساك بهما واستيقافهما من رجال الأمن الجامعي واصطحابهما لمقر الشئون الإدارية لتحرير مذكرة وبمواجهتهما أقرا الطالبين بصحة الواقعة وتم تسليمهما بعد ذلك لقسم شرطة الجيزة وعرضهما على النيابة العامة التي قررت إخلاء سبيلهما بضمان مالي قدره ألف جنيه لكل منهما.

 واستكملت النيابة تحقيقاتها إلى أن أحالت الجناية لنظرها أمام الدائرة الثالثة جنايات الجيزة بجلسة 21 فبراير 2013، وبتاريخ 19/3/2013 حكمت محكمة جنايات الجيزة بمعاقبة المتهمين:

1ـ أ. ح. ف. م.    2ـ م. أ. ر. إ. 

بالحبس أسبوعين لكل منهما !! مع إلزامهما المصاريف الجنائية عن واقعة هتك عرض طالبة بكلية الصيدلة، بجامعة القاهرة.

في حين أن المحكمة في الحالة السابقة إذا أستعملت الرأفة مع المتهمين وفقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات فلها أن تستبدل عقوبة السجن المشدد – وهى العقوبة المقررة قانوناً لجريمة هتك العرض – بعقوبة السجن أو الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر .

فعلى أي نص قانوني صدر الحكم السابق؟

ثالثاً: بتاريخ 23/2/2013 وأثناء سير أحد الفتايات بشارع المرور بالدراسة دائرة قسم شرطة الجمالية فوجئت بالمدعو / م. ف. ع. (مجند بالأمن المركزى قطاع الدراسة) وأثناء سيره عكس أتجاههما بالشارع المذكور قام بهتك عرضها بالقوة وذلك بأن قام بالإمساك بها من الخلف، وعلى أثر ذلك صاحت المبلغة بصوت عالى وأنهارت وتم ضبط المتهم وتحرير محضر بالواقعة قيد تحت رقم 1127 لسنة 2013 جنح الجمالية ، وبتاريخ 24/2/2013 مثلت المجنى عليها أمام النيابة العامة (نيابة الجمالية الجزئية) وأدلت بأقوالها حول الواقعة محل الاتهام، كما مثل شاهد الإثبات أيضاً بذات التاريخ وأدلى بشهادته، ثم تم عرض المتهم على النيابة والتحقيق معه بشأن الواقعة محل الإتهام وكعادة المتهمين في أغلب القضايا أستمر في نفى الأتهام الموجه إليه،  وأمرت النيابة بحبس المتهم أحتياطياً على أن يراعى التجديد له في الميعاد القانونى، إلا أن المجنى عليها فوجئت – وأثناء متابعة المحضر بالنيابة العامة – أن نيابة الجمالية قامت بتحرير مذكرة حول المحضر المذكور وقامت برفعها إلى نيابة غرب القاهرة الكلية للموافقة عليها وذلك لتحويل رقم المحضر إلى رقم إدارى تمهيداً لحفظه ! وبالفعل وافقت النيابة الكلية على ذلك وحفظ المحضر بتاريخ 14/3/2013 ، وكان مضمون مذكرة النيابة الجزئية أن شاهد الإثبا الذى كان يسير بجوار المجنى عليها أثناء الحادث لم يرى الواقعة بعينه ! وأن المتهم أنكر الجريمة المنسوبة إليه !! وأن تحريات المباحث أثبتت صحة الواقعة ولكنها لم تثبت إذا ما كانت حدثت بقوة من عدمه!! وأخيراً أن المجنى عليها رفضت عرضها على الطب الشرعى لعدم وجود إصابات.

ومن هنا فإن النيابة العامة أصبحت بمثابة محامى المتهم، وليست سلطة إتهام وأن كل ما ذكر هو شأن محكمة الجنايات للفصل وفيه وليس شأن النيابة العامة أن ترى ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية نتيجة مذكرة دفاعها عن المتهم،  وهل شخص المتهم هو الذى أثر على سير هذه القضية لكونه أحد أفراد الأمن المركزى.

هذا وقد قام مركز النديم بتقديم تظلم إلى المحامى العام الأول لنيابة إستئناف القاهرة لإعادة أوراق المحضر من الحفظ مرة أخرى وقيده جناية وإحالته إلى محكمة الجنايات لأتخاذ شئونها فيه.

إن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف يدين بشدة كل ما يحدث داخل المؤسسة القضائية بالدولة من تهاون مفرط تجاه قضية التحرش الجنسي في مصر – والتي وصلت إلى حد خطير لا يمكن السكوت عنه – وما قد ينجم عن ذلك من اَثار وخيمة على المجتمع المصرى لأن المرأة جزء أصيل فيه ولا يمكن بأى حال إهدار حقوقها في العيش بأمان وسلام وحرية داخل المجتمع المصري.

القاهرة – 26 مارس 2013

مواضيع ذات صلة